السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
................................
أعظم ما ينمي العلاقة بين الزوجين أن يلتقيا على طاعة الرحمن وأن يكون
عمادهما تقوى الله، فإنك مثلاً تحبُّ الرجل وأنت لا تعرفه بمجرد أنه يتقي
الله وتجده عبدٌ مطيع ربه فيقع في قلبك من الحب له ما الله العليم، بل
ربما فاق حبَّ أخيك شقيقك من أبيك وأمك، وهذا من أعظم الإيمان؛
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) أخرجه الترمذي في سننه.
...........................
والمقصود أن اجتماعكما على طاعة الله ينمي بينكما المحبة وينمي بينكما المودة، بل لا سكينة أصلاً إلا بذلك؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
فالمعصية توجب الوحشة، فلا يلتقي اثنان على معصية الله إلا وبينهما من
التنافر الباطني مالله به عليم وإن أظهرا المودة والمصافحة، ولذلك حتى وإن
ظهرت هذه المودة في الدنيا ظهرت حقيقتها في الآخرة يوم تؤول الأمور إلى
حقيقتها؛
قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}.
...............................
فثبت بذلك أن من أعظم الأسباب التي تنمي المودة بينكما وتزيدها هو
الالتقاء على طاعة الله، أن تدخل على زوجتك فتسلم عليها، ثم بعد ذلك
تخالطها مخالطة الأزواج، ثم بعد ذلك تقدم لها هدية لطيفة، ثم تجلس إلى
جانبها تحضنها تمسح على رأسها، تمسح بأصابعك وأناملك شعرها وتخلل أصابعك
في بدنها وأنت تهمس في أذنها بكلام الحب وكلام الغزل اللطيف، هذا أيضًا
خطوة أخرى تنمي العلاقة بينكما وتُشعر زوجتك أنك صادق في محبتك، إن هذه
المحبة أمر يَشُعُّ من العينين وأمر يفيض من البدن، فإن ضممت إلى ذلك
همسات الحب ولمسات المودة قوي الأمر بينكما.
...........................
و أيضًا أن تُجلسها في حضنك مثلاً وتعاملها وتدللها كما تدلل الطفل الصغير
وتهمس في أذنها بحبك، وكذلك تطلب منها أن تبادلك مثل هذه الكلمات وأن
تُشجعها على ذلك.
.................................
و أيضًا أن تُحضر لها الهدية اللطيفة في الوقت المناسب وليس من شرطها أن
تكون غالية الثمن بل وردة حمراء أو وردة بيضاء تقدمها في صباح يومٍ إلى
زوجتك أو في عصر يومٍ إليها قد تفوق هدية من الذهب والحلي.
..............................
من ذلك أيضًا أن يكون لكما شيء من الفسح وشيء من المباحات التي تشتركون
فيها، فمثلاً تخرج معها لتتمشيا سويًّا في وقت جميل، تخرج معها لنزهة
تخلوان ببعضكما البعض بعيدًا عن الناس،وأيضًا تشاركها المشاركات
الاجتماعية في زيارة أهلها وفي زيارة أهلك، ويكون لكما أمام الناس تواصلٌ
وكذلك في الباطن، المقصود أن تنويع الأساليب هي التي تنمي المودة بين
الزوجين.
..............................
من ذلك أيضًا مشروع عظيم أن تذهب أنت وهي إلى العمرة فتخلوان ببعضكما،
فتحصلان بذلك نسكًا وعبادة وفسحة وسياحة وخلوة بين الزوجين الحبيبين،
وكذلك يكون لكما من التعرف على بعضكما البعض في خلال السفر ما لا تتعرفان
على بعضكما البعض في الحضر.
................................
والمقصود أن تنويع الأساليب هو المطلوب، مضافًا إلى ذلك معاشرتها عمومًا
بالمعروف، فمن ذلك تلبية طلباتها في الفراش، فلا تهجرها هجرًا ولا تسرف في
مخالطتها في الفراش إسرافًا، ونقصد بذلك الجماع، ولكن تجعل الجماع بينك
وبينها غاية ما يصل إليه المتحابان،على أن تستوفي رغبتها وحاجتها.
.................................
ومن ذلك أيضًا أن تكون صاحب شخصية فلا تكون مزَّاحًا يفرط في المزاح، ولا
عبوسًا بحيث لا ترى منك إلا الجدَّ ولا ترى منك الملاطفة، ولكن كن بين
بين، بين المزاح وبين الجدِّ ملاطفًا أهلك معاملاً إياهم بالحزم في أوقات
الحزم، حتى تشعر زوجتك بأنها تلجأ إلى ركن قوي من خلال هذا الزوج.
..................
والمقصود أن اجتماع هذه الأمور تحقق لكما السعادة وتحقق لكما نموها،
مضافًا إلى ذلك أن يكون بينكما اطلاع على العلوم الشرعية بحيث تعرفون حقوق
بعضكما البعض،ولا مانع من أن يكون لكما اطلاع على أحاديث النبي - صلى الله
عليه وسلم - وآدابه في العشرة لاسيما ما شرح من ذلك، وقد بسط الإمام أبو
عبد الله بن القيم في (زاد المعاد) كيفية وآداب معاملة الزوجات وكذلك
أيضًا كيفية الجماع فانظر في هذا الأمر فإنه يعينك إعانة قوية.
.........................
ونوصيك وصية خاصة بأن تستعين على إنجاح حوائجك بالكتمان أنت وزوجتك، فلا
تظهر المودة الفائقة أمام الناس ولا تكثر زوجتك من الحديث عنك أمام
النساء، ولا تكثر أنت من الحديث عنها أمام الأقارب وأمام الأصحاب، ولكن إن
سئلت فقل الحمد لله حياتنا عادية كسائر الناس، فإن كل ذي نعمة محسود – كما
ذكرنا في الحديث أخرجه الطبراني في المعجم: (استعينوا على قضاء حوائجكم
بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود).
وعليكم بالدعاء أن يلين الله قلوبكما لبعضكما البعض وأن يجعلكما متحابين متوادين، والله يتولاكم برحمته ويرعاكم بكرمه.